كشف عدد من خبراء النقل البحرى واللوجستيات والتخطيط العمراني، عن مجموعة من الفرص المتاحة أمام السوق الملاحية والتجارية، خلال الفترة المقبلة، فى ضوء اتجاه الحكومة لإنشاء منطقة اقتصادية جديدة بجرجوب بمحافظة مطروح.
وقرر مجلس الوزراء خلال يونيو الماضى إنشاء منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة، منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاص بمساحة إجمالية قدرها 402.2 ألف فدان تقريبًا على أن يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية قريباً.
بداية، أشار المهندس مدحت القاضي، رئيس شعبة خدمات النقل الدولي، بالغرفة التجارية بالإسكندرية، أن هناك عدة فرص بالمشروع الجديد، كونه يعمل على تحقيق التكامل مع مشروعات أخرى منها الميناء الجاف بنفس المنطقة، كما أن وجود ميناء بحرى مع خطة لإنشاء لوجستيات ومناطق صناعية وخدمية يخلق بيئة مناسبة تمامًا لشركات الشحن والخدمات المساعدة.
وتابع أن المشروع المزمع تنفيذه عبر الجهات المعنية سيكون فرصة ذهبية للربط الإفريقي–المتوسطي، مشيرًا إلى أن موقع جرجوب القريب من ليبيا ودول شمال غرب إفريقيا يفتح الاستثمار فى تجارة الترانزيت والتصدير.
وأكد رئيس شعبة خدمات النقل الدولي، بالغرفة التجارية بالإسكندرية، أن المشروع سيكون فرصة لتشغيل شركات النقل الدولى “مرحلى البضائع ووكلاء الشحن”، ومن ثم هناك طلب كبير على خدمات التخليص الجمركي، وكذا أنشطة الشحن البرى والبحري، بالإضافة إلى خدمات القيمة المضافة (VAS).
وتوقع “القاضي” وجود فرص استثمارية لشركات الشحن الدولى ووكلاء الشحن، خاصة فى أنشطة البنية اللوجستية، من إنشاء مخازن، ساحات، أنظمة تتبع، ومراكز توزيع والتى ستحتاج إلى خبرات تلك الشركات المتخصصة.
وأوضح أنه بالرغم من هذه الفرص فإن هناك عددًا من التحديات المتوقعة، والتى تتمثل فى تنفيذ البنية التحتية الحالية، خاصة أن المنطقة تحتاج إلى تطوير طرق وسكك حديدية ومطارات مرتبطة بممرات دولية، خاصة الربط مع الطريق الساحلى الدولي.
وأكد أنه ضمن التحديات أيضًا- إجراءات الجمارك والموانئ، مطالبًا بضرورة أن يكون هناك منظومة جمركية مرنة وسريعة، على غرار ما يتم العمل عليه فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكذا تفعيل نظام البوالص الإلكترونية البرية.
وأشار إلى أهمية الترويج الدولى للموقع، لجذب المستثمرين المشغلين العالميين للميناء، والمنطقة اللوجستية، وإلا ستكون منطقة بدون تدفقات فعلية.
كما طالب بضرورة وجود قوانين خاصة وحوافز استثمارية حقيقية، على غرار المناطق الاقتصادية الحرة، مع أن تكون الأسعار التى تعرض بها تلك المناطق مناسبة لهذا النوع من الاستخدامات طويلة المدى، ويتم مراعاة ذلك فى تنفيذ المشروع على مراحل.
أوضح “القاضي” أن المنطقة تحتاج إلى كوادر مؤهلة فى أنشطة الشحن، والنقل، والتخليص، والإدارة اللوجستية الحديثة، كما تأمل الشعبة فى افتتاح نشاط التعليم المزدوج بالمنطقة، بالإضافة إلى تخصيص الأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا كلية النقل الدولى منحات دراسية لأهالى المنطقة.
واقترح “القاضي” إشراك الشعبة وشركات القطاع الخاص منذ الآن فى جلسات العمل والتخطيط لتلك المنطقة، حتى نستفيد من دروس المواقع المماثلة، ونضمن جاهزية الشركات المحلية والعالمية للعمل هناك.
اللواء على الحايس، الخبير البحرى ونائب رئيس هيئة ميناء الإسكندرية السابق، أشار إلى أن منطقة جرجوب تتميز بموقعها الفريد من ناحية، بالإضافة إلى وجود عدد من المشروعات القومية القريبة منها، على سبيل المثال محطة الضبعة النووية، والتى ستؤدى إلى تسهيل إنتاج الكهرباء لمشروعات أخرى، ومنها منطقة جرجوب خاصة فى النشاط الصناعي.
وأضاف أن منطقة جرجوب تقترب من منطقة الشرق الليبي، وبالتالى إنشاء منطقة اقتصادية بهذه المساحة الضخمة من ناحية، وبإمكانيات وأرصفة جديدة ستعمل على زيادة التعاون مع تلك التكتلات الاقتصادية المهمة، خاصة وسط اهتمام تركيا بمنطقة شرق ليبيا، بالإضافة إلى وجود اتجاه لتنفيذ مشروع منخفض القطارة.
من جانبها قالت مروة إبراهيم، المدير التنفيذى ورئيس مجلس إدارة شركة AM Cargo، أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بها عدد من الموانئ الضخمة من حيث معدلات التداول وترددات السفن بها، خاصة مينائى لسخنة وشرق بورسعيد، نظرًا لارتباطها بعدد من الدول بينها وبين مصر تبادل تجارى مرتفع للغاية، سواء الخليج أو شرق آسيا، فى حين أن منطقة جرجوب فى أقصى الغرب من القطر المصري، وترتبط بعدد من الدول بشمال إفريقيا من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ومعظم البضائع المتجهة إلى تلك الدول مرتفعة فى أسعار النوالين البحرية بسبب زيادة أيام الإبحار.
وأضافت، أنه فى حالة وجود منطقة اقتصادية فى منطقة جرجوب على غرار المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سيتم مضاعفة التبادل التجارى مع تلك الدول، من خلال تقليل زمن الإبحار، وخفض التكلفة وبالتالى يحدث طفرة فى الصادرات للعديد من الدول القريبة من هذا المحور.
وتوقعت وجود طفرة فى نشاط الفيدر “سفن الروافد” العاملة بين منطقة وميناء جرجوب ومنطقة شمال أفريقيا، ثم أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا، كبديل لميناء الإسكندرية بالنسبة للخطوط الملاحية التى تتجه من شمال أوروبا إلى مصر ثم إلى شمال أفريقيا.
وأوضحت أن التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الإفريقى وتكتلات الاقتصادية بلغ 9.2 مليار دولار خلال عام 2023 مقابل 8.7 مليار دولار خـلال عام 2022 بنسبة زيادة قدرها %5.7.
وذكرت أن سيكون هناك أكبر فى التبادل التجارى بعد تشغيل ميناء منطقة جرجوب إلى تقليل زمن الإبحار، بما يضاعف الصادرات المصرية لتلك المناطق، خاصة الحاصلات الزراعية والزجاج والأعشاب والمواد البترولية والأسمنت والفوسفات.
فى الوقت ذاته، أوضح الدكتور أحمد الشامي، الخبير البحري، أن هناك أهمية كبيرة لموقع ميناء جرجوب والمزمع إنشاء منطقة اقتصادية مرتبطة به، موضحًا أن الميناء يبعد عن العلمين 80 كيلو، وعن منطقة رأس اجدير مع ليبيا بنحو 150 كيلو، والسلوم 120 كيلو، بالإضافة إلى القرب من السواحل الأوروبية، مما يجعله الأقرب لموانئ جنوب أوربا خاصة اليونان وإيطاليا.
وأوضح أن أهمية الموقع الاستراتيجى سيكون لها أثر على تكاليف الشحن بانخفاض قدره من 20 – 30%، بالإضافة إلى التكامل مع المشروعات القريبة، خاصة أن المشروع يرتبط بمدينة رأس الحكمة السياحية.
وأضاف “الشامي” أن قرار الحكومة بإنشاء منطقة اقتصادية بالمنطقة يتركز فى أن تقع على مساحة 54 كيلو مترًا مربعًا، وتخطيط يشمل مناطق صناعية وسياحية، وهو ما يجعلها أقرب المناطق الاقتصادية المصرية للحدود الليبية، ويجعلها بوابة مصرية نحو إعادة الإعمار فى ليبيا، بالإضافة إلى قربها من الأسواق بدول شمال إفريقيا “تونس، المغرب، الجزائر” علاوة على قرب “ميناء جرجوب” من موانئ البحر المتوسط، بما يدعم التجارة الدولية وربطها بالممرات البحرية الأوروبية والأفريقية “حال تنفيذ المخطط المقترح من الدولة”.
وأشار إلى أن الموارد الطبيعية المتوفرة بتلك المنطقة تتمثل فى الفوسفات والحجر الجيرى والرمال البيضاء، والجبس، والطفلة، والحجر الرملي، والملح الصخري، والكبريت والرمال المشبعة بالكبريت، ويمكن قيام العديد من الصناعات باستغلال تلك الموارد، ومنها صناعات الأسمدة والمواد الطبية، والملح والصناعات الكيماوية والسيراميك.
كما يوجد بالمنطقة موارد طبيعية أخرى، منها النخيل والزيتون والمنتجات العطرية والمياه الجوفية والبيئة المناخية الفريدة، بالإضافة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، علاوة على قربها من محطة الضبعة النووية لدعم الصناعات الثقيلة والخدمات، علاوة على سياحة الشواطئ ورحلات السفارى ووجود الصناعات التراثية والتصدير.
ولفت إلى أهمية إقامة مصانع لإنتاج الهيدروجين الأخضر مع الشركاء الأوروبيين، بالإضافة إلى محطات طاقة شمسية ورياح لتغذية المنطقة وربطها بالشبكة الوطنية.
ولفت إلى أهمية إنشاء منطقة لوجستية حرة لنقل السلع بين مصر وليبيا والسودان والجزائر، بالإضافة إلى تطوير ميناء جرجوب ليكون محطة تصدير واستيراد المنتجات الزراعية والصناعية.
وأوضح “الشامي” أهمية وجود طرق ومحاور نقل حديثة ومحاور نقل بين غرب الإسكندرية ومطروح والضبعة، وإنشاء مراكز تدريب مهنى وزراعى وصناعى تخدم المنطقة، بالإضافة إلى وجود شبكات طرق جديدة تربط محور الضبعة، وتسهيل الربط مع القاهرة والدلتا والموانئ البحرية المصرية.
من جانها، قالت المهندسة جيلان منصور، خبيرة التخطيط العمراني، إن إنشاء منطقة اقتصادية على المساحة التى تم الإعلان عنها من قبل قرار مجلس الوزراء، بمثابة تعمير لمنطقة الغرب المصري، بالتزامن مع إنشاء مجتمع عمرانى بمنطقة العلمين الجديدة من ناحية، بالإضافة إلى منطقة رأس الحكمة.
وأوضحت أن هناك ضرورة على أن يشمل المنطقة الجديدة مناطق صناعية جديدة تختص بصناعات القيمة المضافة، بالإضافة إلى صناعات الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر، بما يعزز الصادرات المصرية.
وذكرت أن مشروع ميناء جرجوب ضمن خطة تطوير وتنمية الساحل الشمالى الغربى لمصر، ومن المتوقع تسكين 40 مليون مصرى فى العقود الأربعة القادمة.
◗ رئيس شعبة خدمات النقل الدولي: مرونة إجراءات الجمارك وتفعيل نظام البوالص الإلكترونية البرية عامل جذب للمشغلين
◗ الحايس: خطوة تعد بمثابة تكامل استراتيجى مع «الضبعة النووية»
◗ مروة إبراهيم: الموقع سيعمل على مضاعفة الصادرات المحلية لدول شمال إفريقيا
◗ القاضي: المشروع يضع الساحل الشمالى الغربى على خريطة الاقتصاد الوطني
